القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع


 ما بعد الصبر
للكاتبة: مروة محمد (روي)







-- لمَ لا تتزوج مرة أخرى؟! 

- ليكن الموت الخيار الأنسب لي ولا أفعل فعلًا كهذا 

- ولكني لا أعترض فلتتزوج لكي تنجب الصغير الذي تتمناه 

- إن لن تكوني والدته فلا أريده 

تساقطت دموعها على خديها الموردتين وأمالت برأسها على كتفيه وأردفت: إنكَ تتمنى المستحيل يا عزيزي، أقسم بأنني سأتفهم لا تُشعرني بأنني حاجزًا بين حلمك، أتدمرُ يومًا تلو الآخر وأنا أرى العذاب بأعينك وكيف لك بإخفائه 

- عن أية عذاب تقولين، هل تعلمينَ لمَ أريد طفلًا؟!

- تريده لأن هذا حلمك الذي تنتظره منذ آنٍ بعيد 

- أخطأتي فأنا أبغاه لكي يكن لي نسخة مصغرة منكِ، ولكي يصبح رمزًا لحبنا الأبدي، لكي نتشارك في تربيته، وليكن نكهة حياتنا، وأنتِ تطلبينَ مني الزواج بأخرى والإنجاب منها أيضًا؟! إن فعلت هذا قد يأتيني طفلًا ولكنه لن يكن بسمات ما أتمنى، ولن أعثر على السعادة التي تعتقدينها

وأنا مكتفٍ بطفلتي الوحيدة التى تُمثل لي كل ما أتمناه، أم أنكِ تريدي من يأتي ويشاركني معكِ يا مدللتي؟!

- هل أخبرتكَ من قبل بأنكَ أنعم ما نُعمت به من نعم؟! حقًا أحبكَ يا معشوقي 

- وأنا أحب صغيرتي المدللة ووجودها يكفيني عن كل شيء . 


" بعد مرور بضعة أشهر في تمام الخامسة عصرًا "

تتسطح أحدهم على أريكتها، تشاهد فلمًا رومانسيًا، وبيدها فنجان قهوتها المفضلة، ومن ثم شردت بخيالها قائلة:

- لا زلت زوجة منذ عدة أعوام ولكني لم أكن بأمًا بعد، كم تحلم آذاني بأن تسمع هُتاف صغير يُناديني بأمي، كم تتوق أعيني لرؤيته يمرح مع والده أمامها، كم ترجو ضلوعي بتجربة لذة احتضانه، كم أتمنى بأن أصبح أمًا، ليأتني طفلًا يالله، لا زالَ زوجي يصتنع اللامبالاة بشأن هذا الأمر خشية بأن يجرح مشاعري ولكنه يتألم أكثر من تألمي؛ وكم من ليالٍ ايتقظت على صوت حديثه وهو غافل ويُردد: تمهل يا صغيري ستأتي والدتك بالطعام، لا تكن مشاغب، 

عرضت عليه الزواج فلست بهذه الجشاعة لأحرمه من نداء الصغير الذي يتمناه، ولكنه واثق بالله ولديه يقين تام بأننا سيكن لدينا طفل يومًا ما

إنتهى فلمها فهَمَتْ بالوقوف لتذهب لغرفتها لتُريح ذاتها من مشقة اليوم وحين ذهابها شعرت بدوارٍ شديد ولكنها تجاهلته لربما نتج من إرهاق اليوم؛ ارتمت على فراشها وبدت حالتها بالتدهور فخلدت للنوم . 


"بعد مدة زمنية لم تتجاوز الساعتين"

أتى زوجها وتعجب لعدم رؤيتها في غرفة المعيشة كالمُعتاد فاتجها لغرفة النوم واقترب منها بهدوء وأردف: لقد خلدت للنوم، لا بأس عليها لربما أُنهكت من مشقة المنزل، اشتقت لكِ حقًا يا صغيرتي

تحسس جبهتيها فشعر بسخونتهما ففزع قائلًا: حبيبتي حرارتكِ مرتفعة هل تشعريني بأية ألم؟!

لتيتقظ بتعب وتقول: عزيزي هل أتيت؟ لقد كنت على انتظارك ولكني شعرت بتعبٍ شديد ولا أدري السبب 

اصتحبها للمشفى للاطمئنان عليها ففُوجئ بما قاله الطبيب 

الطبيب: مُبارك عليكم سيأتيكم طفلًا 

لم يعي على حاله من السعادة وكاد بأن يتطاير منها 


هكذا هو الله: يجزيكَ كل ما ترجوه ولكن عليكَ بالتمهل، ناولهم الله كل ما تمنوه بعدما قضى اليأس عليهم . 


المتلاعبة بالأبجديات: مروة محمد "روى"



"جريدة حياة"

تعليقات