لغة اللأعين
للكاتبة: مروة محمد (روي)
-"لو كان الحُب مجرد اعتراف تطرب له الأذن ،لما كان هناك من يوفي اعترافه، الاعتراف الحقيقي الناتج من آفاق القلب ،تكشفه لغة الأعين؛ وما الاعتراف التحدثي سوى حديثٌ الأجمع قادرون على سرده"
صحيت الصبح بدري، حوالي الساعة تمانية، نزلت اشتري الفطار زي كل يوم، عشان بابا يفطر بدري قبل الشغل، انا وبابا عايشين لوحدنا، من بعد وفاة والدتي الله يرحمها، عندي اخ واحد، بس اتجوز ومنعرفش عنه اي حاجه، باين نسى أن عنده عيلة، بالرغم من مشقة مشوار الصبح ده ،إلا أن يومي مش بكمل غير بالمشوار ده ،انك تنزل الصبح بدري والناس كلها لسه نايمة،عدا عمو شهاب بتاع البقالة وعمو عمرو بتاع الاكلات الشعبية، وبعدين بروح اسلم عليهم طبعًا واشتري الفطار واطلع، شعور من كتر جماله مش قادرة اوصفه والله، بس كان في حاجه غريبة المرة دي، وانا واقفة بشتري بعض المستلزمات من عمي شهاب، شوفت شاب واقف مع عمى عمرو ومعاه دفتر وقلم وعمي عمرو مش فاهم حاجه، استأذنت عمي شهاب اني هرجع تاني، وروحت اشوف اي المشكلة، الشاب شكله غريب مش من البلد دي، سمعت عمي عمرو بيقول: انا مش بعرف اقرأ يا ابني، قولي انت محتاج ايه؟
الشاب مكنش بنطق ولا حرف، وقاعد يشاور على الكلام ال مكتوب على ورقه من ورقات الدفتر، الظاهر كده انه مش بقدر يتكلم، استأذنته اني اشوف الورقة وقرأتها، كان مكتوب: صباح الخير يا عمي، الاقي عند حضرتك فطار ايه؟ اتعجبت جدا من جهة ان مفيش حد في المنطقة دي بصحى بدري غيري ومن جهة انه باين عليه مثقف وكاريزما جدًا، سحبته من ايده وقعدنا على كراسي عشان افهم حكايته، اصل انا شخص فضولي زيادة عن اللازم ، كلمته بكل هدوء وسألته: حضرتك بتقدر تسمع؟
وفجأه سحب الدفتر منى وكتب: بقدر اسمع كويس جدا يا آنسة
قولتله: أهلا انا اسمي جنات
كتب فى الدفتر: أهلا يا جنات، انا زين
جنات: شكل حضرتك مش من هنا
كَتَبَ زين : ايوة من اسكندرية واتنقلت جديد
وبعد فترة على نفس الوضع انا اسأل وهو يكتب إجابات اسئلتى فى الدفتر ، قدرت اساعده في ان يشترى
الفطار ،وطلب رقمي عشان محدش قدر يفهم عليه غيري بحيث لو جه يشتري فطار تانى يبعتلي رسالة ، وعشان بقينا صحاب حبتين، طلعت البيت وانا فرحانه جدا اني قدرت اساعده، وجهزت الفطار لبابا حبيب قلبي وبعدها نزل الشغل، جبت تلفوني وبحثت عن ايميله، وأخيرًا بعد معاناة قدرت الاقي الايميل، كان حاطط صورته وسرحت في جمال ملامحه وعيونه، بالرغم من أنه مش بقدر يتكلم إلا أني بفهم عليه من عيونه، عيونه فيها كمية مشاعر ،تحس انه مش أصم ولا حاجه، كنت عاوزه ادخل اكلمه بس مش عارفه ادخل اقول ايه، وانا قاعدة غرقانه بافكاري، وازاي هقدر ادخل اكلمه، لقيت مسدج منه، عبارة عن: حابب اشكر حضرتك جدا يا استاذة جنات، على مساعدتك ليا
ابتسمت بخفة وكلمت نفسي: انا ال حابه اشكرك ،لأنك بعت مسدج لطيف زيك
رديت عليه: الشكر لله يا استاذ زين، وفضلنا نتكلم مدة طويلة، واتعرفنا على بعض اكتر وبقينا صحاب مقربين جدًا،
(بعد مرور شهر فى غضون الساعة التاسعة مساءً)
الاستاذ زين كان مفهمني اني لازم اجهز نفسي عشان محتاج يتسوق وهيحتاج مساعدتي، طلعت من اوضتي اشوف مين على الباب، كان زين ومعاه باقة ورد والدفتر بتاعه، نسيت نفسي وفضلت سرحانة كالعادة في جماله، لقيت بابا جاي وبيقول: يا اهلا يا زين ، اي يا جنات مش هتقوليله اتفضل؟
جنات: اي اي اي ،طبعًا اتفضل يا زين
دخلنا، وزين قعد جنب بابا، وفضل يكتب على الدفتر وبابا يقرأ ،وانا مش فاهمة اي ال بحصل؟
بابا: ايه رأيك يا عروسة؟
بصيت في الأرض بخجل، زين شكله عملها واتقدم، وحقق حلمي ،ومنطقتش ولا حرف
بابا: السكوت علامة الرضا، ولا ايه يا استاذ زين؟
ابتسم زين ابتسامته الهادية ال بتدوبني دي وفضل يكتب مدة طويلة،لأول مرة يستغرق كل المدة ،وبعد ما خلص سلملي الدفتر عشان اقرأ،
الكلام المكتوب: انتِ مش ملزومة يا جنات انك توافقي ومش ملزومة انك تكملي باقي عمرك مع شخص أصم( مش بتكلم ) وعارف اني كده بظلمك لانك تستاهلي شخص افضل مني بكتير، بس صدقيني انا مقدرش اشوفك مع غيري لاني بحبك جدا والله، واتعودت على وجودك ومساعدتك ليا ، وكنت اتمنى اعترفلك بمشاعري واقولك قد اي بحبك ،زمان مكنش عندي مشكلة في اني مش بقدر اتكلم ،بس دلوقتي اتمنى اقدر اتكلم ولو ثانية عشان اعترفلك بمشاعري، وعشان كده اخدت الخطوة دي
بعد ما قرأت الكلام ال كتبه دموعي نزلت كأن شلال ومحستش على نفسي غير وانا مرمية فى حضنه، لولا ان بابا شخص متفاهم جدًا كان رماني انا وهو برا البيت
بابا: استأذن انا بقا ولا ايه يا عصافير؟
جنات: ليه حاسس انك ظالمني يا زين؟ تعرف بقا ان انا ال محظوظة جدا بيك والله واي بنت تتمنى شخص زيك، وكفاية اني بشوف كمية الحب في عيونك،وال متعرفوش انك اعترفتلي بمشاعرك بطريقة احسن من الكلام، وهي لغة عيونك، كفاية عليا اوي اني بشوف نظرة الحب في عيونك، وبعدين كلمة بحبك دي بقت كلمة عادية اي حد بقدر يقولها، لكن مش اي حد يقدر يوفيها،
بابا: نقرأ الفاتحة بقا
كَتب زين: اسمٌ على مسمى( جنات) ليتَ كل البشر جنات
( يا من نلتي على اعترافٍ وارد من عدسات الأعين: هنيأً لكِ على شخصٍ صَدُقَ اعترافه وصَدُقتْ مشاعره)
قلم: مروة محمد "روى"
"جريدة حياة"
احلى روى
ردحذفاختي
ردحذفصديقي
ردحذف