القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع


 تعويض الفقدان
للكاتبة الروائية: مروة محمد (روي)







-(قد يُجبر أحدنا على التشبث بأحد ،وقد يجمعهم القدر رغماً عنهم ليُكمل كُلاً منهما الآخر ، ومن حين لأخر يقوم القدر بتحويل الرغم إلى رضاء وقناعة بهذه العلاقة.) 

يعني ايه يا أمي عاوزاني اتجوز وعد المجنونة؟!

والدته: مسمهاش وعد المجنونة يا استاذ سليم وبعدين محدش هيصونك غير وعد بنت خالتك

سليم: يا أمي صدقيني وعد المجنونة دي طفلة مش قد مسؤلية اصلا 

والدته: وعد مين ال طفلة؟ وعد عندها 18 سنة وواعية بطل تتحجج عشان كده كده هتجوزها، انت فاهم؟..

دلف سليم إلى غرفته يحدث حاله قائلاً: معقول هتجوز وعد المجنونة ؟ وهعيش معاها ازاي دي؟! بس هعمل ايه مش بإيدي حاجة لازم اوفق عشان ست الكل 


"سليم شاب وسيم يبلغ من العمر 20 عاماً ،طبيبًا جامعياً

 ،يعيش مع والدته ،مطيعاً لأوامرها دائماً، نظراً لكثرة حبه لها"


في منزل وعد:

وعد: سليم مين الى اتجوزه؟! انا وسليم مش بنطيق بعض يا أمي 

والدتها: انا عاوزه اطمن عليكِ عشان العمر معدش فيه كتير وانتِ عارفه ان مفيش حد هيفضلك من بعدي ،ابوكِ الله يرحمه ،ومفيش اخوات حتى، لازم اضمن مستقبلك قبل ما أموت، وصراحه بقا محدش هيحافظ عليكِ زي سليم ابن خالتك،وهيكون عوض ليكِ عن ابوكِ الله يرحمه

وعد: ربنا يطول فى عمرك يا ست الحبايب متقوليش الكلام ده تاني عشان بزعل ها ، وصراحة انا مش حابة اتجوز دلوقتي ،عاوزه اكمل تعليمي ،وأعتقد إن مفيش حد هيقدر يعوضني عن بابا

والدتها:  متقوليش كده تاني ،ربنا قادر على فعل كل شيء

وأنا اتفقت مع خالتك ان هنعمل خطوبة بس ،ولما تخلصي تالتة كلية تجوزوا ايه رأيك؟

وعد: الى تشوفيه يا أمي بس لو قتلت استاذ سليم ده فى يوم متلوميش غير نفسك وقوليله معدش يقولي يا مجنونة عشان هعرفه الجنان ال بجد

والدتها: جهزي نفسك بقا عشان هيجوا بليل 


" وعد طالبة جامعية  تبلغ 18 عام ،وحيدة امها ،توفى أباها منذ طفولتها وتعيش مع والدتها بمفردهم، فأرادت والدتها تأمين مستقبلها خشيةً أن يسرق القدر عمرها تاركةً ابنتها ،فقررت ان تزوج ابنتها لابن شقيقتها( سليم) لانها مدركة بأن سليم شاب خلوق وسيراعي ابنتها وسيكون عوض لها عن فقدان أباها


في المساء فى تمام الساعة 8 يأتى سليم بصحبة والدته لمنزل وعد

تم استقبالهم على أفضل حال،  وجلسوا يتناقشون حتى بدلت والدة سليم مجرى الحديث قائلة: وعد فين؟

والدة وعد: هقوم اجبها واجي 

ذهبت والدة وعد لغرفة ابنتها، فاقترب سليم من والدته قائلاً بصوتٍ مهموس : ارتحتي يا أمي؟ خلاص هتجوزيني لوعد المجنونة 

والدته: عارف يا سليم لو قولت عليها مجنونه تاني صدقني هيكون فى زعل جامد

سليم: خلاص معتش هقول على وعد المجنونه وعد المجنونة تاني 

ضربته والدته فى كتفه قائلة: ربنا يهديك يا ابني

أتت والدة وعد بصحبة ابنتها ،وكأن وعد فتاة خيالية الجمال ،مرتدية فستاناً بسيطاً لامعاً لمعاناً خافت ،راسمة ابتسامة خافتة على ثغرها،تسير بتمهل بجوار والدتها 

نهضت خالتها من مجلسها بحماس قائلة: ايه الجمال

ده يا وعد؟ ايه رأيك يا سليم ؟

نظر سليم لها بغضب قائلاً: عادي يعني وعد زي كل مرة متغيرش حاجة

والدته: ده انت بارد

والدة وعد : شوفوا يا حبايبي الخطوبة الاسبوع الجاي ويلا يا عائشة تعالي عشان نسبهم يتفاهموا 

سليم: تسبوني مع وعد المجنونة؟! لا لا خليكي هنا يا أمي عشان خاطري 

وعد: شوفي يا خالتو ،والله يا استاذ سليم لو قولت مجنونة تاني انا هعرفك الجنان ال بجد 

عائشة والدة سليم: خلاص يا وعد حقك عليا ،حاولوا تتفاهموا بالله عليكم 

ما ان دلفت والدة سليم وشقيتها تاركين أبنائهم عسى أن تنمو عقولهم ويتفقان 


وعد: شوف يا سليم انا معتش هتخانق معاك على أمور تافهة عشان خاطر ماما وخالتو وموضوع جوازنا ده انا مصدومة زي زيك

سليم: هتمثلي دور العاقلة ولا ايه؟ مهما عقلتي هتفضلي بنظري وعد المجنونة

اقتربت وعد ممكسةً بخصلات شعره قائلة: مجنونه ها؟ قولتلك هعرفك الجنون على اصوله، عامل نفسك كاريزما ومحترم قدام أمي بس انا هعرفك 

سليم: سيبي شعري يا مجنونة، وانا كاريزما ومحترم غصب عنك

( أيعقل أن يتفقان؟! إن أراد القدر جمعهم ،لتم تصنيف علاقتهم من أجمل وأمتع العلاقات )

وبعد مرور بضعة أشهر على خطوبتهم، حان موعد ذهاب وعد لجامعتها لاستكمال دراستها 

وما ان دلفت لجامعتها ،وجلست بجوار إحدى الفيتات 

فسرب لاذانها حديث من الفتيات

الفتيات: بيقولوا فى دكتور جديد جاي النهارده، وبيقولوا صغنون وقمر اوي شكلنا كده هنعشق مادته عشق كده

وبعد عدة دقائق يدلف الطبيب،مرتدياً قميصٍ اسود وبنطال مائل للون السماوي، رافعاً خصلات شعره البراق عن اعينه الخضراوتان قائلا :يا اهلا يا شباب

إحدى الفتيات: انا بحلم ،ده دكتور ده ؟ ولا ممثل ،اي الجمال ده بس؟

اقتربت وعد بغضب من الفتاة وصفعتها قلم ومن ثم امسكت بخصلات شعرها قائلة: مش ممثل ده خطيبي يا حقيرة

سليم : اي الفوضى دي؟! خلاص يا انسة وعد، 

وقام بتهدئتها ،ومن ثم اتجه للفتاة قائلاً: اعتذر يا انسة على ال وعد عملته،

وسحب يد وعد  وذهبا للخارج قائلاً: ايه الي عملتيه ده يا مجنونه؟؟؟

وعد: انت ليه مسبتنيش اكمل عليها؟ دي واحده حقيرة

سليم: اعرف بس عملتلك ايه؟ عشان كل ده

وعد بلا انتباه: بتقول ان شكلك حلو وبتقول كلام حلو فى حقك

تعالت ضحكات سليم، واقترب من وعد ممسكاً يدها ،ناظراً لاعينها قائلا: بتغيري عليا؟

توترت وعد قائلة: لا غيرة ايه؟ انا بس قصدي انها لازم تغض بصرها عشان حرام وكده

رفع سليم حاجبيه قائلاً: ولو انتِ خايفة عليها اوي كده ليه منصحتهاش بهدوء ؟

وعد: خلاص بقا يا عم ألاه، وبعدين ليه رافع شعرك؟

سليم: اعتقد اني حُر 

وعد: وليه لابس قميص ضيق كده ؟عشان تبين عضلاتك للبنات يعني؟؟؟

ظل سليم يستمع لها مبتسماً ،شارداً فى جمالها ،وكيف لنار الغيرة تشتعل بها

وعد: ليه انت حلو كده اصلاً؟

سليم: اي اي ؟ انتِ قولتي ايه؟ ها ؟

احمرت خدودها قائلة: لا ولا حاجة

سليم: عيدي اخر جملة قوليتها 

وعد وهي تتصنع بعدم الانتباه: جملة ايه ؟،يلا عشان المحاضرة

ما ان بدأ سليم فى شرح المحاضرة ، حتى شردت وعد فى لبقاته ووسامته ،تاركةً شأن المحاضرة 

فى المساء :

تتصل وعد على سليم قائلة: سليم انا مقدرتش استوعب ولا كلمة من ال شرحتها

سليم: نعم؟! قصدك ايه يعني؟ اني دكتور فاشل 

وعد: انا قولت كده؟ بطل تسرع ،ينفع تشرحلي تاني

سليم: موافق بس اعرف السبب ال بسببه مقدرتيش تركزي

وعد: اي اي مفيش مقدرتش استوعب وخلاص عادي يعني

سليم: طب تمام مش هعيد شرحي تاني 

وعد: لا لا ، كنت براقب البنات خايفة حد تانى يقول عليك كلام حلو

سليم: ولسه سبب كمان 

وعد: مقدرتش اركز بسبب جمال عيونك، ارتحت؟

سليم: ارتحت جدا ،واخيراً اعترفتي انك معجبة بيا 

وعد: مش إعجاب، ده حب ،بحبك يا سليم

سليم: واخيراً اعترفتي ، ياااااه يا وعد واخيرااا نطقتيها 

وانا كمان بحبك جدا والله

وعد: يمكن ربنا حرمني من بابا بس صدقني لقيت فيك حنية الاب وخوف الاب ،حاسه ان ربنا بعتلي بابا تاني 

مكنتش اتوقع ان ممكن حد يقدر يعوض مكان بابا بس ماما طلع معاها حق لما قالتلي ان سليم هيعوضك عن كل حاجة

سليم: قلب سليم من جوه ،صحيح مجنناني ومطلعه عيوني بس من غيرك انتِ وجنانك مقدرش اعيش ، ولو  انا كنت عوض ليك مكان باباكِ، فانتي عوض ليا عن كل حاجة فى حياتي


(أحياناً تسرق خطوط القدر بعض الأشخاص منا ،لم يكونوا مجرد أشخاص، بل كانوا كالاوراح النابضة لقلوبنا، تعمق الحزن قلوبنا لفراقهم، واعتقدنا ان لا احد سيأتي ليماثلهم،ولكنكم غير مدركون بأن الله يعوض كل فقيد  عن فقيده.)


-قلم: مروة محمد (روى)



"جريدة حياة"

تعليقات