القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع


 الزوجة الصالحة
للكاتبة: مروة محمد (روي)








- "الزوجة الصالحة هكذا تكون"


أردف بإنقطاع:

- ما خشيته يحدث الآن

لتُسند رأسه على ركبتيها بخوف وتُلامس وجهه قائلة:

- ستكون بخير لا تقلق إنني هُنا ولن أسمح بإيذائك 

- لا يا عزيزتي إنها النهاية وها أنا ألتقط آخر أنفاسي، تمنيتُ أن أكون معكِ لزمنٍ أطول، ولكن القدر لن يسمح، انتهت أيامي، ونفد عمري ولكني سأبقى على تذكر بكِ، وعديني بأن لا تُهدري حياتك بالحزن على رحيلي، رُبما سأرحل الآن ولكن سأترك روحي بجوارك ليُعينكِ على مواكبة الحياة

ومن ثم أزال دموعها بيديه المرتعشة وقال: لا أريد الرحيل وأنتِ بهذه الحالة، لأرحل على ابتسامتكِ لربُما تُنير ظلمة قبري؛ وأكملي مجرى حياتك وستجدي الأفضل مني، قد يكون رحيلي عائدًا عليكِ بالبنفع أو قد يكون القدر أراد الأفضل لكِ لأنك تستحقينه؛ ليشهد الأجمع والله خير شاهد أنكِ عانيتي معي وقمتِ بدور الزوجة، والأم، والإبنة، والطبيبة، بل قمتِ بدور كل شخصية أفادتني، ولكنّ المرض الخبيث كان أقوى من كل هذه الشخصيات يا عزيزتي، وها قد سكنتْ ساحة الحرب له وسينتهز الفرصة الحاسمة وينقض عليّ وبعدها تكن النهائيات لصالحه؛ ولكن لا بأس عليكِ كنتِ محاربة ماهرة ووضعتي عمركِ أمام أبواب الموت بدون مُبالاة، كنتُ أنا صاحب المرض ولكني رأيت العذاب بكِ، نفختي روح الأمل بعزمي بالرغم من فقدانك له، رأيت ضعفكِ آن سجودك وإلحاحكِ على الخالق، ولكن لا إعتراض على الأقدار كلانا له يوم رحيله، ضاع عمركِ معي، لم أهب لكِ سوى التعب والمشقة، حان الوقت ليحيا العدل ويزيح عنكِ هذه الآلام 

تناولت يديه برفق وقبّلتها وقالت بخفوت: دُمت لي حبيبًا طيلة حياتي، لن ترحل بهذا اليُسر فالحاضر ينتظرنا لنُكمل مسيرتنا، لقد تعاهدت مع هذا المرض اللعين بأن أُنهيه ولا زلت عند عهدي ويقيني بالله يوقنني بأنك ستكن على ما يُرام، لم يُهدر عمري معكَ بل كُللَ بحب الحياة والبهجات، وحمدًا لله على كل برهة زمن قضيتها بجوارك؛ كنتَ أنت المُجاور آن التخلي فهل ستتخلى كما تخلوا مُسبقًا؟ لم يبقَ لي سواك فلُطفًا لا تُسمعني هذا الحديث المُنزغ بقلبي، وسأظل الزوجة المُجاهدة لحينِ استشهادي برصاصة الدفاع، والربُ كريم، مُجيب للنداء ولن يخذلني 

بدأت روحه في الصعود تارة ومن ثم الهبوط تارة أخرى وقال أخر كلماته وهو يُغلق أعينه: أحبك يا زوجتى..

ناولكِ الفردوس مقابل كل هذا...... أحبك 

ايتقظت برهبة حاسمة وتلقت شهيقًا وصرخت بقول: لا لن يرحل.... لا إنه بخير..... لن يرحل..... لا لن يرحل

ضمنها أحدهم بحنانٍ وأردف: عزيزتي ماذا حدث؟ 

تأملته بحُب وابتسمت والدموع تنبع من جفونها: نعم إنك هُنا، لم ترحل كنت ياقنة 

- إنني بخير تام والحمد لله، هل رأيت حُلمًا مرة أخرى؟

- لم يكن حُلمًا بل كابوسًا قضى على أنفاسي 

ظل يُداعب خصلات شعرها ويُلامسها بعدما طمأنها وخلدت مرة أخرى إلى النوم 

- إنها زوجتى بل أنعم النعم التى أنعم الله عليّ بها، أصابني التورم السرطانيّ وكاد بالقضاء عليّ، يَتطلب من المريض الصبر والمقاومة ولكنها هي من فعلت هذا، كنت أنا المريض وكانت هي محاربة المرض، كانت أَولى مخاوفها أن أموت، عطلتُ عن العمل وأصبحت ملازمًا للفراش لا حول لي ولا قوة، ظننتها ستطلب الإنفصال كما يحدث الآن ولكنها أذهلتني والتبستْ شخصيتي حينما كنت مُعافٍ، بحثت عن عمل لتوفير الأدوية وكل ما يلزمني كمريض، عملت نهارًا وراعتني ليلًا، شُفيت بفضلٍ من الله ومن ثم بقوة حبها وإيمانها، لا أعلم ما الذي فعلته من خيرٍ بهذا الحد لأحظى بها كزوجة، أصبح المجتمع مليء بالخلافات الأسرية والكثير من الزوجات يطلبن الانفصال لبساطة الأمور، ويُكرهنّ الزوج على الحياة نظرًا لكثرة المُطالبات وتهديدهم بالانفصال إن لم يُوفر لها خدمات الرفاهية؛ ربما زوجتى ليست زوجة فلقب الزوجة لا يُقدر قيمتها، ظننتها ستنفصل عني إبان وكعتى الصحية ولكنها فعلت الشبيه بالمُحال، ولم تُعيبني قط، تلك التى تستحق لقب الزوجة وبجدارة كلا وليسبق لقب الزوجة كلمة" الصالحة"

- الزوجة الصالحة- والآن لأخلد للنوم فغدًا عملي ويجب عليّ اليقظة الباكرة 


" إذا صلحتْ الزوجة صلحَ كل شيء فالصواب ينبع من صوابه، إن رُزقت بزوجة صالحة هنيئًا لكَ بنعيم الدنيا" 


المتلاعبة بالأبجديات: مروة محمد (روى)



"جريدة حياة"

تعليقات