القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الكاتبة: ‏نادين ‏محمد ‏عبدالهادي

أعلم أنكم تتذكرون فجر الشبيبة فرحين باسترجاع رسومه متأسفين على انقضائه، أمّـا أنا فأذكره مثلما السجين المعتق يتذكر جدران سجنه وثقل قيوده، أنتم تَدْعون تلك السنين التي بين الطفولة والشباب بإنها عهدًا ذهبيًا يهزأ بمتاعب الدهر ويطير مرفرفًا فوق رؤوس المشاغل مثلما تجتاز النحلة فوق المستنقعات الخبيثة سائرة نحو البساتين المزهِرة، أما أنا فلا أستطيع أن أدعو سني الصبا سوىٰ عهد آلام خفيّة كانت تقطن قلبي وتثور كالعواصف. 
في طفولتي بات كل شيءٍ كَـالسراب، كل شيءٍ حينها كان متعب، كنت ملاك بلا أجنحة، حُرِمت من الأشياء البسيطة التي تُسعدني، انقشعت روحي المرحة، وفقدت شغفها، باتت كشخص أبكم، غير قادر على النهوض، بداخلي ضجيج مستمر لا يأبىٰ التوقف، لقد فقدت آمالي، أحلامي، طموحاتي، فقدت ذاتي. 
باتت الوحدة تحاصرني من جميع الإتجاهات، أنظر إلىٰ جفوني المقرحة من البكاء، أردفت بصوت مخنوق ترافقه التنهيدات الأليمة بأن لم يبقَ لي من ذلك الحلم الجميل سوىٰ تذكارات موجعة ترفرف كالأجنحة غير المنظورة حول رأسي مثيرة تنهيدات الأسىٰ في أعماق صدري مستقطرة دموع اليأس والأسف من أجفاني. 

لقد كان شعورًا مؤلمًا، مؤلمًا للغاية. 
نادين محمد عبد الهادي

تعليقات