الكاتبة: ‏إيمان ‏كريم

عزيزي أترىٰ أن هذه هي مجرد ورقة بيضاء ليس يوجد بها أي شيء؟ أعلم أنك ترىٰ ذلك وأنا أيضًا أرىٰ ذلك، ولكنك رأيتُ الورقة بعينك فقط وليس بقلبك، عندما نظرتُ إلي الورقة هذه بِعيني رأيتها مجرد ورقة بيضاء ليس لها فائدة، ولكني عندما نظرتُ لها بِقلبي، رأيتُ أن هذا كان قلبي عندما ولدتُ، كان قلبًا خاليًا من الخذلان، والآلام، والحنين، والأشتياق، والجروح، كان لا يوجد به سوىٰ النبض، ويوجد به حب أيضًا، نعم فأنا أثق ثقة تامة أننا عندما نولد لم يُكن داخل قلبنا سوىٰ حب يجوز حب للأم أم للأب أم للأثنين معًا، لكنه مع الوقت أصبح يمتلأ فعندما كنتُ في السابعة من عمري أمتلأ بالحزن على رحيل جدي، وعندما كنتُ في الثانية عشر من عمري أمتلأ بالأشتياق لأن والدي سافر إلي تركيا حتىٰ يعمل هناك وتركنا هنا، وعندما كنتُ في السابعة عشر من عمري أمتلأ بالحنين فأنجبت أختي في هذا الوقت أبنها الأول الذي أحببته أكثر من ذاتي وعلمتُ يومها أنني بداخلي حنين يُكفي عالم بإكمله، وعندما وصلتُ إلي التاسعة عشر من عمري أمتلأ بالحب ولكنه حبًا من نوع أخر ليس حب مثل الحب الذي ولدتُ به لأمي وأبي ولكنه حبي لشخصًا لم أعرفه ولم يعرفني سوىٰ من عام واحدًا فقط، فأنا أحببتُ شخصًا رأيته في النادي الذي أذهب إليه في وقت فراغي، فظللتُ أحبه شهرًا كاملًا دون أن أحدثه حتىٰ، ولكنه في الشهر التالي جاء لي هو وأخبرني أنه أحبني من أول يوم رأني فيه ولكنه كان منتظرًا حتىٰ يتأكد من ذلك الشعور، واليوم وأنا أكتب لك هذا عزيزي القارئ أريد أخبارك بأن قلبي أمتلأ حزنًا وخذلان معًا فذلك الشخص الذي كنتُ أتحدث عنه تركني مُنذ يومين فقط وأخبرني أنه لم يُعد يحبني مثل قبل، وأنه شعر بالملل مني ومن علاقتنا هذه، أرءيت عزيزي؟ رأيتُ كيف كان القلب أولًا وكيف أصبح اليوم؟ فالقلب يولد خاليًا، ولكنه يرحل ميتًا، حزينًا، بداخله الآلام وجروح وخذلان وحب أيضًا، أتعلم حب من؟ حب الأم والأب والله، فاليس لنا سوىٰ الله، وأيضًا الأم والأب حتىٰ أذا كانوا سيرحلوا، فَسيظل حبك بقلبهم مدىٰ الحياة وعندما يرحلوا سيأخذوا حبك معهم وسيظلوا ينتظروكَ حتىٰ تأتي لهم ويخبروكَ أن حبك مازال بقلبهم ، فَعليكَ عزيزي أن تحافظ على قلبك، ولو بإمكانك أبقائه خاليًا دائمًا مثل هذه الورقة فأنتَ بهذا الفعل ستجعل قلبك يشعر بالراحة مدىٰ الحياة، فعليكَ أختيار من تسكنهم قلبك بدقة، حتىٰ يظل نقي مثل هذه الورقة.