القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الكاتبة: ‏آية ‏فرج

«عوالِم مُوازية.»

صرخة عالية خرجت من أعماقه وهو يرى خلفه كائن غريب، يشبه شكل اللِسان، لكن بهيئة ضخمة، يتغلب عليه اللون الأخضر المُضيء، في مُنتصف هذه الغُرفة المُشابهة لسردابٍ صغير، يسودُها الغَسق ويتركز في جميع أركانها أزواجًا من العناكِب الضخمة التي تركت أثرها شِباكِها، يتلفت حوله برهبةٍ شديدة، وذاك الكائن الغريب يقترب.. ظل يركض في ذاك المكان الصغير بلا هوادة وهو مُحاصر من شتى الاتجاهات إلى أن ظهرت أمامة على حينِ غرةٍ منه بوابة زمنية كبيرة، قفز بها دون أدنى تفكير، وفي مُخيلته أمرٌ واحد (سوف أتخلص من هذا الكابوس..)

استيقظ من غفلته بسرعة وهو يتنفس بصعوبة وكامل جسمه يتشنج ويتصببُ عرقًا وكأنه كان يُعاصر هذا الكابوس أو كما يظن هو..
نظر حوله بفزع، يتأكد من مكان وجوده، وجد أنه مازال كما هو بمكتبه كما الحالُ منذ ما يُقارب الشهر، يحاول إيجاد *الفاعل* الفاعل لأفعال غير طبيعية تحدث في المدينة مُؤخرًا.. قضية استنزفت منه كل الجُهد والوقت والكثير من النيكوتين والقهوة للحد من هذا الصُداع المُلازم له نتيجة لقلة النوم الذي يظهر بوضوح جلي على هيئته المُزرية وعيناه الحمراء، المُرهقة وشعره المُشعث..
*قضية تعجيزية..*
تنقلت بين القادة والرُوَّاد ونوقِشت في المُؤتمرات الدولية، لكن دون جدوى.. إلى أن استقر الأمر عليه "المُحقق توماز"..
الذي استطاع حل أكبر المُعضلات حتى الآن، لكن هذه القضية مُختلفة.. وكأن كائناتًا غير البشر هي من تتحكم بها بل بالتأكيد كذلك، فقد كشفت الأبحاث الأخيرة أن السبب وراء اختفاء أشياء مُهمة من المدينة بل حتى الطعام والشراب لم يكُن سوى أجسام غير مرئية أو ظِلال لأشخاص مخفية رصدتها كاميرات المُراقبة بأعجوبة..

وقف مُتجهًا إلى المرحاض، ليتفاجأ بأولى خطواته تنقله إلى عالمٍ آخر، فتح عينيه وأغلقهما عدة مرات ليتأكد من كون هذا كابوسٌ آخر، لكن لا جديد.. أخذ يتأمل المكان حوله بخوف من أن يتكرر أسوأ مخاوفه ويحدث ما حدث في المرة السابقة.
إنه مكان كبير جدًا، لربما مدينة بأكملها، لكنها خالية.. خالية من كل شيء، خالية من البشر.. لا يوجد سوى بيوت مُتهالِكة وسيارات من التسعينات، إذًا هو الآن بهذا المكان غير المعلوم، وحيد.

خطى خطوة أخرى بتردد ليحدث ما خشاه وينتقل لعالمٍ آخر.. 
هذه المرة يوجد الكثير من الأشخاص، لكن لا منازل، لا سيارات، لا محلات، لا شيء يدل على الحياة.. بدأت خيوط القضية بالوضوح الآن.
إنه يُسافر عبر الزمن، إلى عوالِم موازية وليس عالم واحد، وهذه المدينة التي يقف بها الآن هي مدينة مُوازية لمدينته، يتنقلُ أهلها لديهم، لكننا لا نراهم.

خطى خطوة أخرى ليسقط إلى مكان معلوم المصير، إنه الآن على شَفا حفرةٍ من الموت، شظايا النيران تتعالى من أسفله، ونفس الوحوش تقتربُ من أعلاه، مُحاصرٌ هو بين طرفيّ الموت، لا مُحالة من الهلاك، وأصواتٌ تردد.. 
 
*أحيانًا يقتلُ الفضول، أحيانًا يُقتل الخطرُ الطيب.*

أغمضَ عينيهِ مُستسلمًا لمصيره، لتمر أمامه دوامة سوداوية تلمعُ بألوانِ قوسِ قزح ويدِ أحدهم تُربتُّ على كتفهِ بقلق ليفتح عينيه فزعًا مُقابل وجه والدته القلق والحاسوب أمامه مُشغل لڤيديو للعالمِ المُوازي، وصوت جرس الباب يُرن، وكان خياله وفضوله الفوق مطلوب للبحث عن هذه الأشياء قد جعله يُعاصره بنفسه..
ردد هذه الكلمات على لسانه قبل غلقِ الحاسوب..
*رُبما خطير، لكني أعشقُ المُغامرة.*

#تمت.
#آية_فرج.
تيم آفاق.
عائلة حياة.

تعليقات